الأربعاء، 5 مايو 2010

التعامل النيابي والإعلامي مع الشبكة التجسسية ... رقص على جراح الكويت

* الجلسة الأمنية ستتحول سياسية تحرج الكويت عالميا .. وتسيئ إلى ديبلوماسية تطالب بها في الملف الإيراني

* تصريحات النواب أثبت أن حديثهم عن الوحدة الوطنية شعارات .. فهم يفككون تماسك صف الكويت

* وسائلنا الإعلامية تفننت بمعلومات مغلوطة عن الشبكة .. وتابعت الموضوع بتأليفات ومن باب" لتبرئة الذمة"

عندما تسًرب خبر الشبكة التجسسية التي تعمل لمصلحة إيران , تفنت الوسائل الإعلامية في متابعته بشكل يثير الأسى بالفعل , فبعد تفرد إحدى الصحف بالحادثة .. وهي القبس , تسابقت بقية الصحف في اليوم التالي إلى تعويض مافاتها , فنشرت معلومات هي أقرب ما تكون تبرئة ذمة , لئلا تظهر مقصرة أمام غيرها , فبدا ماكتبته تخمينات واضحة , وتأليفات لاتستند إلى براهين قاطعة , والدليل أن الصحف كافة لم تتفق إثنتان منها على معلومة واحدة , وكلُ منها كتبت مغايرة عن الأخرى , ولاعزاء لمصادر مسؤولة أو عسكرية أو مطلعة ركنت إليها " جرائدنا" لتعزيز مصداقيتها ... والصغير والكبير في شارع الصحافة , يدرك أن " المعلومة المستندة إلى مصدر مشكوك بها , ولاثقة فيها في قضايا مهمة كهذه ... سيتبين عدم دقتها سريعا , وبالتالي الإساءة للعمل الصحافي .

ونحمد الله أننا في " حديث المدينة " أدركنا منذ الوهلة الأولى , أن الموضوع لم يظهر منه إلا رأس جبل الجليد , فالخافي كثير , إذ أن عمل الجهات الإستخباراتية في بقاع العالم كله يعتمد على أنصاف المعلومات , وتحري صغائر البيانات , ومتابعتها , وربط دقائقها وتحليلها , لتصل إلى حقيقة مؤكدة أو تنفيها , ولربما تستدل وتستنتج شيئا مختلفا لم تكن على دراية به.. ومن هنا , فإن المصلحة الوطنية تفرض على وسائل الإعلام التعامل مع الموضوع برصانة عالية , والتنازل عن الفرقعة والإثارة الفارغة مقابل الفوز باستقرار للجهات الأمنية يبعدها عن الضغوط والضجيج السياسي , لاسيما أن الكويت كشفت في مراحل سابقة عناصر استخباراتية وأحالتها على النيابة العامة لتأخذ جزاءها , غير أن مارأيناه من بعض الوسائل الإعلامية لا يتناسب مع أوضاع غير مستقرة تعيشها بلادنا والمنطقة .. لاسيما مع التهديدات الأميركية والغربية لإيران .. ومعنى ذلك , أن تصرفات هذه الصحف , كأنها تظهر الكويت أمام العالم مضطرة لتجنب موقفها المحايد في الأحداث , لتقف مع مناصري ضرب طهران , بدلا من دعواتها المتكررة إلى الحلول السلمية , والبعد عن العمليات العسكرية , لئلا يتحول الخليج العربي بركانا يحرق الاخضر واليابس .

وما يدل على نتائج التعامل الإعلامي السيئ مع خبر الشبكة التجسسية , هو ما وصلت إليه التصريحات الصادرة من نواب يعشقون " الشعارات النارية " وكتاب وناشطين لاتهمهم سوى صور تزين الصفحات .. فمستوى ما قرأناه وسمعناه منهم في الندوات يندى له الجبين , بل ويناقض حرصا كاذبا كثيرا مارددوه على الوحدة الوطنية !!! .. وإلا بماذا نفسر أحدهم يقول : " الحكومة تعاملت مع الشبكة التجسسية , بعكس ما بدر منها تجاه خلية عريفجان " .. وآخر لافض فوه : " قلناها مرارا أن بعض الأطراف معروفة بأنها موالية لإيران , تسرح وتمرح في الكويت " .. وثالث : " يضربون القبائل , ويسكتون إذا كان الأمر يتعلق بالعجم " .. اليست هذه ضربا في صميم الوحدة ؟ .. ألا تعتبر إثارة للطائفية ؟ .. هل هناك أشد من هذه مساع , لفك لحمة المجتمع ؟ .. ألانعتبر من الماضي فنعرف مسار مصلحة الكويت العليا ؟ .. إنها واضحة , لكن البعض يريد متعمدا تدمير البلد .. والبكاء على أطلاله .

الكويت دولة صغيرة , تقع في منطقة تغلي سياسيا , ويحيط بها دول كبرى خليجيا لها مصالحها .. وواقع كهذا يفرض على أبسط قادة السياسة التعايش معها بحنكة ودراية وديناميكية وبراغماتية إلى أبعد الحدود .. فليس مستبعدا أن نكشف عن شبكة تجسسية اليوم أوغدا أو بعد غد .. هذا متوقع , المهم أن تكون أجهزتنا يقظة تئد الخطر في مهده وقبل ميلاده .. لكن من غير المعقول مواجهة الريح بصدورنا .. نريد التعقل والحكمة .. وليس من الحكمة إتخاذ قراراتنا بناء على ردود الفعل .. فما فائدة جلسة أمنية لمجرد إكتشاف شبكة تجسسية غير مكتملة المعلومات عنها ؟ وهل ستغدو الجلسة أمنية بحتة أم تتحول إلى تأجيج سياسي مع طهران , وإحراج للحكومة أمام قوى تضغط على الكويت لتنضم إلى معسكر يرفض الديبلوماسية ؟ لماذا يبرز الشأن الأمني وقت وصول الجهاز الإستخباراتي إلى كشف خطر ما , مع أن الأمن يفترض أن يكون محط الإهتمام في كل وقت , لا أن يكون شماعة تستخدم وقت الحاجة السياسية .

ياوسائلنا الإعلامية .. يانواب الشعب .. يا أهل العقل , ارحموا الكويت .. لا ترقصوا على جراحها... لا تلقوا بها إلى التهلكة .. فجسدها لم يعد فيه مكان يتحمل طعنة واحدة من طعنات أبنائها .. .. فهل من مدكر , يسمع القول , فيتبع أحسنه ؟.

http://www.citytalks.co.uk/index.asp