الثلاثاء، 1 يونيو 2010

الكويت من السور والجابرية إلى قافلة الحرية ..الأمير كبيرها والحكومة بارة بأبنائها

قبل نحو 22عاما , وتحديدا في أبريل 1988 , كانت الطائرة الكويتية الجابرية مختطفة , وعلى متنها ركاب كويتيون .. وقتذاك ظلت ومن على متنها , رهائن لفترة استمرت 16 يوما .. فبقي أبناء الكويت سنة وشيعة , حبيسي أحزانهم وآلامهم ... حتى جاء الفرج , لينطلقوا إلى المطار في مشهد عفوي لاستقبال العائدين .. كان مشهدا مؤثرا مازال ماثلا في القلوب .
حدث كهذا ليس فريدا من نوعه في الكويت .. فأكبر منه وأصغر , الإختلاف فيه بالقصة .. لكن الإخراج واحد .. والمشاهد غير متباينة , فتكاد تكون صورة طبق الأصل .. فمشاعر الطائرة الجابرية , لم تكن بعيدة عن كويتي وثلاثة من شقيقاته خرجوا في نزهة شمال البلاد , فتاهوا ليدخلوا الأراضي العراقية .. حدث هذا في أوائل التسعينيات , وفي الأعوام الأولى من تحرير البلاد .. وقتذاك أحس الكويتيون جميعا بأن هؤلاء الأربعة أبناؤهم وأشقاؤهم .. بقينا جميعا على أعصابنا وفريسة لدموعنا , حتى ردت الروح إلينا بالإفراج عنهم .. لتشهد الكويت بعودتهم عيدا لاينسى امتلأت ساحة المطار بآلاف المواطنين .. ليس كلهم أقرباء للعائدين .. لكن حتما كلهم كويتيون جمعتهم مشاعر واحدة .
الأحداث عديدة ... فإثنان من خفر السواحل الكويتية في فترة سابقة كانا في دورية رسمية , قبض عليهما من الجانب الإيراني , ظلا خلالها أسبوعا رهينتين للتحقيق بدعوى اختراقهما المياه الإقليمية .. هما خضعا للتحقيق , والكويتيون خضعوا معهم لتحقيقات البكاء والأحزان .. فلما أفرج عنهما , استقبلتنا السعادة جميعا .. غمرتنا معهم في يوم عرس في الأذهان لايمحى .
حكايات كثيرة , منذ فجر نشأة الكويت , وفي توالي الأيام .. في سود الليالي كسواد بطش الغزو العراقي , أو بياض رغد الحياة .. الكويتيون جسد واحد , آمالهم وآلامهم واحدة .. كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا .. ولذا ارتفع السور في الماضي بقامات أهل الوفاء ... وظهر الخير بتكاتف الأشداء.. وظلت البلاد مصانة بربها وعباد آمنوا بأن الكويت حياتنا ومماتنا .
فليس عجيبا بعد ذلك , أن يتداعى أهل الديرة بكبيرهم سمو الأمير , إلى سؤال واهتمام عن أحبائهم في قافلة الحرية , وترتسم على وجوههم علامات إنتظاربشرى تزف إلينا سلامتهم .. لاغرابة في استنفار حكومة الكويت لتظل واقفة على رجل واحدة , تترقب وتتباحث وتتصل بالبعيد والقريب لتأمين عودة أبنائها , وخلفها نواب الأمة يؤازرون ويشدون المحزم ... حتى أتى الفرج وانفكت الأسارير بأنباء ساعة وصولهم .
هل في الأمر جديد ؟ .. بالطبع لا .. فهذه خصال الكويتيين جميعا , وهذه هي حكومتنا على العهد دائما , الحضن الدافئ لأبناء هذه الارض الغالية .. وتلك هي صبغة أعضاء برلمانها.
فليس من الكويتيين من حاد عن الطريق القويم , ليرمي حكومتنا بما ليس فيها , ويأتي باتهامات ما أنزل بها من سلطان , ليوصمها تارة بالديكتاتورية , وتارة أخرى بعدوانية تسيرها ضد مواطنيها ... وهي ما انفكت يوما , ترخي على الصغير والكبير, والمرأة والرجل رغد العيش , وأمن النفس وحرية المسلك والرأي .
حتما ليس منا , نائب سيرته الشخصانية والعصبية لفئة أو مذهب أو مصلحة .. فأسلافه في عمله صانوا الدستور روحا وتصرفا .. وسلكوا مواده , فلم ينتقوا منها مايحلو لهم , ويساير نواياهم .. فجنبوا بلادهم وأهلهم خطابا منبوذا , ولم يُروَ عنهم سفاسف الكلمة وهوان العبارة .. حفظوا للسلطات هيبتها بتشريع أو رقابة , فارتفعت هيبتهم وعلا صيتهم .. فكانوا مع الحكومة على طريق واحد سائرين .. لكويت واحدة , تحفظ للسلطة إجلالها والمواطنين كرامتهم .
فهل آن الأوان , لينظر بعضنا إلى غرائب فعله وسوء جادته؟.. ألم يحن موعد هؤلاء ليحاسبوا أنفسهم , فيعودوا إلى رشدهم تائبين مستغفرين من " طرح طائش .. واتهام زائف .. ومحاسبة تصفية" .. لعل الله يرزقهم هداية بناء بلد , ورحمة بشعب , ضاق بمستنكر منهم .. ومعيب لا يليق بهم .